تقنية ال 3d

خطفت تقنية العرض ثلاثي الأبعاد "3D" أو (Three dimensional) أنظار المشاهدين من عشاق السينما وألعاب الكمبيوتر، وأعطتهم بعدا مختلفا لم يكن موجودًا سالفا، من خلال رؤية أكثر عمقا للصور، تساعد المتفرج على الإحساس بطبيعية اللقطات وواقعيتها وهو ما يزيد من تأثيرها عليه، وهذا المثال تجسد في فلم "Avatar" الذي يعرض في دور السينما العالمية حاليا، وحصد أكثر من مليار دولار في أقل من شهر على عرضه.

لكن ربما يحتاج هواة الأفلام ثلاثية الأبعاد إلى فحص عيونهم أولا؛ لأنهم معرضون إلى مخاطر الإصابة بصداع الرؤية ثلاثية الأبعاد، وذلك وفقا لخبراء أمريكيون في طب العيون.

وحذر الدكتور مايكل روزنبرج أستاذ طب وجراحة العيون بكلية طب فاينبرج بشيكاجو بجامعة نورث وسترن في تقرير لوكالة رويترز من أن "هناك الكثير من الناس الذين يعيشون بمشاكل صغيرة جدا في العيون، على سبيل المثال انعدام توازن العضلات البسيط الذي يتعامل معه المخ في الظروف العادية بشكل طبيعي، لكنه في حالة مشاهدة الأفلام الثلاثية الأبعاد فإن هؤلاء الناس يواجهون تجربة جديدة تماماً على الحواس، ويترجم هذا إلى جهد ذهني أكبر مما يسهل الإصابة بالصداع، وفي حالة الرؤية الطبيعية ترى كل عين الأشياء من زاوية مختلفة اختلافا طفيفا".

في المقابل، فسَّر ديبورا فريدمان أستاذ طب وجراحة العيون والأمراض العصبية بالمركز الطبي لجامعة روشستر في نيويورك أسباب حدوث الصداع بالقول: "الأوهام التي تشاهدونها بأبعاد ثلاثية في الأفلام لا تعاير بنفس الطريقة التي يعاير بها المخ والعيون؛ إذا كانت عيناك بها مشكلة ما فإنها تبذل درجة من الجهد أكبر مما يحتاج مخك إلى بذلها الآن.. ويصيب هذا التفاوت بعض الناس بالصداع".

وبتفسير آخر يشير جون هاجان أستاذ طب وجراحة العيون في كانساس سيتي بميزوري وزميل الأكاديمية الأمريكية لطب وجراحة العيون إلى أن بعض الناس الذين لا يتمتعون بالإدراك ثلاثي الأبعاد للمرئيات لا يملكون الرؤية الثلاثية الأبعاد على الإطلاق، كما أن من يعانون من مشاكل في عضلات العين يعانون من مشاكل في معالجة الصور الثلاثية الأبعاد.

وبرغم أنه ليست هناك دراسات ترصد مدى شيوع الإصابة بالصداع بعد مشاهدة فيلم ثلاثي الأبعاد، لكن ريك هينمان المتحدث باسم شركة "ريلدي" التي تمد دور السينما بمعدات الرؤية ثلاثية الأبعاد قال: إن الصداع والغثيان من الأسباب الرئيسية في أن هذه التكنولوجيا لم تحظ بشعبية قط.

تقنية "3D"
على المستوى التقني فالصورة ثلاثية الأبعاد في الأصل ثنائية الأبعاد أي أن لها طولا وعرضا، وبعد معالجتها يضاف إليها بعد ثالث هو العمق، وهو ما يعطي الإحساس بأن الصورة مجسمة بشكل خادع أو وهمي، حيث تبصر العين البشرية أي صورة أو مشهد وتكون له خيالا ثنائيّ الأبعاد، ولكن تتم في الدماغ البشري عملية مزاوجة بين الصورة الملتقطة من العين اليمنى والملتقطة من اليسرى لتشكل خيالا بصريا ثلاثيّ الأبعاد.

ويعتمد نظام العرض البصري للأفلام السينمائية ثلاثية الأبعاد على تصوير صورتين في آن واحد، بكاميرتين مرتكزتين جنبًا إلى جنب، وأحيانًا توضعان في مواجهة بعضهما البعض، وتتمتعان بالخصائص الفنية نفسها، حيث يتم التصوير بزاوية ٩٠ درجة عن طريق المرايا.

تلك الخدع البصرية أو الرؤية ثلاثية الأبعاد لا ترى بالعين المجردة بل من خلال نظارات متخصصة يرتديها المشاهد، ربما لا يصدق البعض أن تلك النظارات تحدث فارقا كبيرا في الرؤية، إلا أن الفارق تتم ملاحظته عند المشاهدة الفعلية.

إلا أن هناك جيلا جديدا من الأجهزة التلفزيونية ثلاثية الأبعاد تقدم تلك التقنية لعيون المشاهد دون الحاجة إلى نظارة متخصصة، وقد بدأت تلك الأجهزة بالانتشار حاليا، ويقام لها معرض يطلق عليه المعرض الدولي للأجهزة الإلكترونية للمستهلك في لاس فيجاس الأمريكية.

سر الإبهار
لكن ما هو السر وراء هذا الإبهار الذي تحدثه النظارات المتخصصة، وما هي آلية عملها، يقول يان كينو يانسن من مجلة «c't» المتخصصة في الكمبيوتر والصادرة بمدينة هانوفر الألمانية: إن التأثير ثلاثي الأبعاد ينشأ من خلال رؤية العين اليسرى واليمنى لصور مختلفة، وفي حالة استخدام تلك النظارات ذات مغلاق الرؤية يقوم جهاز العرض "البروجيكتور" بإرسال الصور للعين اليسرى والعين اليمنى بالتناوب؛ فإذا كانت هناك صورة محددة يجب أن تراها العين اليسرى فتقوم النظارة بإغلاق العين اليمنى والعكس، ويتم هذا الأمر بسرعة فائقة لدرجة أن المخ لا يمكنه التقاط أي وميض بل إنه يرى صورة ثلاثية الأبعاد، وذلك يساعد المشاهد على إدراك وجود عمق كبير فيما يشاهده، فيعطى إحساسًا بالواقعية والتأثير.

وببساطة شديدة، فإن تلك النظارات مزودة بتقنية يطلق عليها "التداخل والاستقطاب" وظيفتها الأساسية هي عرض الصور للعين اليسرى واليمني بتتابع سريع، بحيث تجعل كل عين ترى الصورة الصحيحة والمحددة لها.

ويعتبر كينو يانسن أن تقنيات ثلاثية الأبعاد تمثل مشكلة للأشخاص الذين يرتدون بالفعل نظارة بسبب ضعف إبصارهم، حيث يتعين عليهم عندئذ ارتداء نظارتين فوق بعضهما البعض، وللتغلب على هذه المشكلة تم مؤخرا طرح أول نظارات ثلاثية الأبعاد بنفس درجة حدة الإبصار، إلا أن هذا العرض يغازل فقط المهووسين بالسينما.